11‏/02‏/2016

فيلم الحمل الأثيوبى



 
فيلم "الحمل" يُغير الصورة النمطية عن أثيوبيا
( سيتم عرض هذا الفيلم في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذى يبدأ فعالياته في 17 مارس 2016) 
ياريد زيليكا – 37 سنة - أدهش العالم بأول أفلامه "الحمل" الذى أخرجه وكتب له السيناريو، ودخل به المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائى 2015، وإشترك به فى مهرجان ميلان السينمائى فإنتزع جائزة أحسن فيلم روائى، وإختارت مجلة "فاريتى" ياريد زيليكا كواحد من عشرة كُتاب سيناريو تُرشحهم المجلة لقراءها لكى يُشاهدوا أفلامهم.
فيلم الحمل فيلم سيرة ذاتية يتناول طفولة ياريد، وفى حواره مع الناقدة كارولينا. أ. ميراندا فى صحيفة لوس انجليس تايمز أجرته معه يوم 4 يناير، يقول أن الفيلم كان وسيلة بالنسبة له لتضميد جروحه، فهو يتناول تجربة إبعاده عن عائلته وهو فى سن عشر سنوات، فنظام ديرج ( النظام العسكرى الذى حكم أثيوبيا من عام 1974 إلى عام 1987) سجن والده ثم تزوجت والدته، فترتب على ذلك أنه عاش مع جدته، ثم هرب والده من السجن وسافر إلى اليابان، ثم إنتهى به الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية، فأرسل إلى إبنه ليلحق به، لكن والده كان شخصاً غريباً بالنسبة له، ولذلك فقد أراد فى الفيلم أن يعبر عن إحساس طفل بالفقد والحزن.
الفيلم "الحمل" يُصور أثيوبيا بطريقة لم يسبق للعالم أن شاهدها به على هذا النحو، ولعلنا نتذكر فيلم "وراء الحدود" من بطولة أنجولينا جولى حيث تنطبع فى أذهاننا صورة أثيوبيا كبلد المجاعات والصراعات السياسية - وهى نفس الصورة التى ربما تٌعاود الظهور مرة أخرى عبر وسائل الإعلام العالمية فى الأسابيع أو الشهور القليلة القادمة، فأثيوبيا تعرضت لموجة جفاف حادة فى موسمى سقوط أمطار متتاليين حيث تهطل الأمطار هناك فى شهر أبريل ومايو، ثم فى شهرى أغسطس وسبتمبر، مما عرض المحاصيل إلى التلف وقطعان الحيوانات إلى النفوق ، وأثيوبيا تتعرض الآن لجفاف تالى للسنة الثانية بسبب تأثير ظاهرة النينيو المناخية التى يصاحبها جفاف فى شرق إقريقيا، وهذا سيعرض حياة الناس أنفسهم للخطر وخاصة الأطفال.
لكن الفيلم الذى يحكى عن طفل إسمه إفرايم توجب عليه أن يعيش مع عدد من أفراد العائلة فى منطقة نائية بعد موت والدته، يُقدم أثيوبيا بطريقة مختلفة، من خلال مناظر بديعة للقرى وقمم الجبال الخلابة، وطقوس كنسية حيث يبارك القس أحد العائلات.
الفيلم صادفته صعوبات كثيرة فى إخراجه وفى تجميع الممثلين لأن أثيوبيا ليست بها صناعة سينما، ويقول المخرج أن السلطات كان لديها هواجس من تصوير الفيلم لأنهم يعرفون أن الصورة المنقولة عن أثيوبيا فى العالم هى صورة أثيوبيا التى يعانى شعبها من الفقر والمجاعات.
كذلك لا يوجد ممثلون، فرغم أن أثيوبيا لديها تقاليد مسرحية متأصلة ومسرح أطفال إلا أنها لم تُفده لأن هذه المسارح تقدم عروضها باللغة الأمهرية، ولذلك فالمخرج بحث عن الطفل الذى سيقوم بالدور الرئيسى فى الفيلم فى الشوارع والمدارس، أما بالنسبة للقرويين فقد إختارهم فى مواقع التصوير ولم يخل الأمر من الصعوبة لأن الممثل الذى يقع عليه الإختيار كان من الممكن أن يترك التمثيل وينشغل بالماشية التى يرعاها.
الأمر برمته كان شديد الصعوبة لأن تصوير مشهد داخل الكنيسة كان يحتاج إلى إستئذان بطريرك الكنيسة الأرثوزوكسية فى أثيوبيا.
كان ياريد وبعد إنتقاله لأمريكا يدرس عن التمنية العالمية فى الجامعة ثم حصل على ماجستير فى السينما من جامعة نيويورك، ثم سافر إلى النرويج لأنه إختار أطروحة الإقتصاد الزراعى فى النرويج، لكنه سرعان ما شعر بالحنين إلى بلده، وشعر بالرغبة فى قص الحكايات بنفس طريقة جدته التى كانت تحفظ الفلكلور الشفهى الأثيوبى وتسرده له.
الفيلم القادم لياريد زيليكا سيحمل عنوان "1991" وسبب إختياره لهذا العنوان، أنه العام الذى بدأت فيه الديمقراطية فى أثيوبيا، ويقول أن الأطفال الذين وُلدوا فى هذه الحقبة يبدون كما لو أنهم من عالم آخر، فهم أكثر تعلماً وأكثر معرفة بالعالم، إنهم تحملوا مخاطر رحلات فى غاية الخطورة من أجل الحصول على حياة أفضل، فبعضهم إخترق الصحراء من أجل الوصول إلى السعودية، والبعض الآخر ركب قوارب الموت من أجل الوصول إلى أوروبا، والبعض الآخر أخترق الأدغال من أجل الوصول إلى جنوب إفريقيا.
مقالة:- ممدوح شلبى