31‏/01‏/2015

لوى بونويل

لوى بونويل

مقالة:- آدو كيرون
 
وُلد لوى بونويل فى الثانى والعشرين من فبراير عام 1990 فى مدينة كالندا الأسبانية، وتوفى فى التاسع والعشرين من يوليو عام 1983 فى مدينة مكسيكو، ويعد لوى بونويل مخرجاً وصانع أفلام أسبانى، يُشار إليه بشكل خاص بسبب أفلامه السيريالية الأولى وبسبب أفلامه المكسيكية الجماهيرية، ويتميز لوى بونويل بأسلوب شخصى مُتجاوز، وبهوس مُثير للجدل فى تناوله للعدالة الإجتماعية وإنتقاده للمغلاة الدينية والعنف الذى لا مبرر له، وكذلك فإنه يتميز بتقديمه للشبق الجنسى.
حياته
وُلد بونويل فى الشمال الشرقى الأسبانى، وهو أكبر أشقاءه السبعة، ورث عن إبيه ليوناردو بونويل – رجل الإعمال- روح المغامرة، فوالده ترك الوطن عندما كان عمره أربعة عشر عاماً لينضم إلى الجيش الذى كان يحارب فى كوبا فيما عُرف بالحرب الأسبانية الأمريكية.
تعلم بونويل فى مدينة زاراجوزا وكان يسكن فى المدرسة ويقضى أجازاته فى بلدته، وبرع بونويل فى الألعاب الرياضية مثل الملاكمة، كما انه كان يعزف على آله الكمان بطريقة جيدة، ثم إلتحق بكلية الجيزويت فى زارجوزا، ثم إلتحق بجامعة مدريد فى سن السابعة عشر من عمره حيث أصبح صديقاً للرسام الشهير سالفادور دالى وللشاعر فيدريكو جارسيا لوركا.
وفى عام 1920 أسس بونويل أول نادى سينما أسبانى وكتب مقالات نقدية عن الأفلام التى كانت تُعرض فى هذا النادى.
فى هذه الأثناء إكتشف بونويل نظرية التحليل النفسى لفرويد وإبتعد عن الدين، ثو سافر إلى باريس فى عام 1925 وإنضم إلى الوسط السينمائى هناك لانه كان يحس أن السينما أصبحت الوسيط الحقيقى بالنسبة له للتعبير، وفى عام 1928 أخرج أول أفلامه "كلب أندلسى" بالتعاون مع سالفادور دالى، هذا الفيلم نُظر إليه بتحفظ كبير، ففى هذا الوقت كانت السينما تميل إلى عرض الطبيعة والأدب، لكن بونويل إكتشف سينما الغزائز، وهذا الميل عبر عن نفسه من خلال الحركة السيريالية.
كلب اندلسى
فيلماه التاليان، هما "العصر الذهبى" 1930، الذى أخرجه فى فرنسا، وهو فيلم راديكالى يهاجم رجال الدين والبرجوازية، والفيلم الثانى "أرض بلا خبز" 1932، وهو فيلم تسجيلى عن طائفة أسبانية دينية، وهذا الفيلم كشف عن إهتمام بونويل بحرية الحلم والتخيل، وعبر عن موقفه الثورى تجاه المشكلات الإجتماعية، كما أظهر روحه الفكاهية اللاذعة وتمرده على المنطق والتقاليد.
وفى أسبانيا عمل بونويل كمنتج لعدد من الأفلام الجماهيرية فى محاولة لبناء صناعة سينما وطنية، وعندما بدأت الحرب الأهلية الأسبانية فى عام 1936، تطوع بونويل فى الحكومة الجمهورية التى تشكلت فى باريس، وفى عام 1938 عمل بونويل كمستشار تقنى فى فيلمين من إنتاج هوليوود يتناولان الجمهورية الأسبانية.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية عاش بونويل أصعب المحن فى حياته، لقد عمل مونتيراً لعدد من الأفلام كما عمل فى متحف الفن الحديث بمدينة نيويورك لبعض الوقت، إلى أن عرفوا أنه الشخص الذى أخرج الفيلم الإلحادى "العصر الذهبى" وعندئذ أُجبر بونويل على تقديم إستقالته، وفى عام 1947 إستقر به الحال فى المكسيك مع زوجته وولديه.
وفى المكسيك إستعاد بونويل مهنته كمخرج سينمائى، فأخرج فيلمين راعى فيهما معايير شباك التذاكر نوعاً ما، ولكنه فى داخل الفليمين قدم واحداً أو إثنين من الفقرات السينمائية الخلاقة، وبسبب نجاح أحد هذين الفيلمين وهو فيلم "الأبلة العظيم" فقد سُمح له بعمل فيلم ذاتى فأخرج فيلم "الشاب والملعون" عام 1950، وبسبب ما قدمه من دراسة ممتعة ومتعاطفة عن الشباب فقد اعاد بونويل بناء سمعته كمخرج ذى إعتبار.
وتمتع بونويل بالمزيد من الحرية فى السماح له بتقديم فقرات حرة تتحدى الأفلام التقليدية من جانب ويتجاوز فيها نفسه من جانب آخر، لكن تقاليد السينما عادت وتمكنت منه، وبعد مدة فصيرة أصبحت كل أفلامه بما فى ذلك الأفلام التى أنتجها مثل فيلم "روبنسون كروزو" عام 1952 محدودة فى تقديمها لعالم بونويل - الذى يتميز بتقديمه لحالة حلمية حيث تحدث أمور وأحداث غريبة، وحيث الشعر يمتزج بالقسوة ويولد الحميمية فى أفلامه، وأفلامه العظيمة التى تنتمى لهذه المرحلة من مشواره الفنى فى المكسيك تشمل "الحياة الإجرامية لأركيبالدو دى لا كروز" 1958 وهو فيلم يحكى عن قسيس لا خبرة له فى الحياة.   
وفى عام 1960 سُمح لبونويل بالعودة إلى أسبانيا ليُقدم فيلم "فيريديانا" عام 1961، ولكن السلطات الأسبانية وجدت الفيلم كله معادى لرجال الدين وحاولت ان تغيره، ولكن الفيلم تم تهريبه إلى مهرجان "كان" السينمائى، حيث نال أعلى جائزة، وفى عام 1962، فى المكسيك، أخرج بونويل فيلماً آخر من روائعه" ملاك الإجرام" عن حفل غداء رسمى حيث يجد الضيوف انهم لا يستطيعون الخروج، وهذا الفيلم أيضاً يُصنف بأنه ضد المفاهيم الدينية.
ومنذئذ صار بونويل مشهوراً على المستوى العالمى، وللمرة الثانية تمتع بالحرية فى إخراج الافلام التى يختارها بنفسه، فهذه الحرية إفتقدها منذ مرحلته الأولى فى باريس، وكان فيلمه التالى "يوميات خادمة" عام 1964الذى صُنف كأكثر أفلامه السياسية الصريحة، حيث يرصد تحول الأرستقراطية الفرنسية على مدى قرن فتصبح رمزاً لنمو الفاشية، ثم جاء فيلمه الذى يدوم 42 دقيقة بعنوان "سمعان الصحراوى" 1965 الذى يتناول الإغواءات فى حياه سمعان، ثم جاء فيلمه "يوم جميل" عام 1967 عن خيالات إمرأة من الطبقة المتوسطة، وهو فيلم مختلف جداً فى طريقة السرد ويوضح بعض التيمات الرئيسية لأسلوب بونويل.
وأكثر أفلامه الأخيرة شهرة هم فيلم "تريستانا" عام 1970، وفيلم "سحر البرجوازية الخفى" عام 1973، وفيلم "ثمة ما هو غامض فى الرغبة" عام 1977، وهو يعكس إهتمام بونويل بالحلم والواقع، والخلط بين الحقيقى والزائف، والتشكيك فى أسس الأبنية الإجتماعية، وطبيعة التملك، ثم جاء كتابه عن سيرته الذاتية بعنوان" آهتى الأخيرة " – ونُشرت نسخته الأصلية باللغة الفرنسية- عام 1983
سحر البرجوازية الخفى
يُعد بونويل أكثر المخرجين إثارة للنقاش، ويدين بشهرته إلى صدقه الذى لا حد له، كان لا يعبأ بالموضات والتقاليد، وعمل طوال مشواره الفنى فى بلده أسبانيا وفى فرنسا وفى الولايات المتحدة
الأمريكية والمكسيك على مدى أكثر من نصف قرن، عانى خلالها من محدودية صناعة السينما، وكذلك فلا يوجد مخرج سينمائى آخر تفوق عليه فى رؤيته الذاتية، أو فى صراحته فى التعبير عما يتملكه من رؤية سواء فى أفلامه الأولى او أفلامه الأخيرة.