مقالة:- مايكل أوسوليفان (صحيفة واشنطون
بوست)
ترجمة:- ممدوح شلبى
المخرج الروسى ألكسندر سوكوروف المعروف جيداً
بسبب فيلمه الناجح "الكنز الروسى" الذى أخرجه عام 2002 عن الفن
التشكيلى ، وهو فيلم تأملى عن التاريخ الروسى وتم تصويره فى متحف الهيرميتاج فى
لقطة واحدة مدتها 99 دقيقة ووظف فيه 2000 ممثل بملابس تاريخية، هذا المخرج شديد
البراعة فيما يقدمه بصرياً، ولذلك فمن الغريب، بل ربما من المخيب للآمال، أن نجد
آخر أفلام هذا المخرج الروسى "فرانكوفونية" مجرد فيلم حوارى يحتوى على
القليل من البصريات.
ألكسندر سوكوروف يقوم بنفسه بدور المُعلق على
الفيلم، إذا كانت كلمة "مُعلق" هى الكلمة الصحيحة فى وصف حالة أقرب ما
تكون إلى المونولوج الصادر عن تيار الشعور، رغم أن التعليق جاء متعمقاً من ناحية
الأفكار والإيحاءات.
الفيلم – والذى يتمحور حول تاريخ متحف اللوفر
– وخاصة مصيره خلال الإحتلال النازى لباريس أثناء الحرب العالمية الثانية – الفيلم
يبدأ بالكسندر سوكوروف وهو فى محادثة تليفونية مع قائد سفينة تجارية تُبحر فى مكان
ما أثناء عاصفة، ويتناقش فى هذه المحادثة عن نقل التحف الفنية (ربما كانت السفينة
المترنحة ترمز إلى الدول، وجهود الحكومات لحماية الإرث الثقافى؟، ربما)
ويستمر صوته من خارج الكادر- وبمجرد أن يبدأ
الفيلم فى التحرك ببطء فى إتجاه موضوعه الرئيسى الذى يتناول القوة السياسية والفن
– نراه يقدم تنويعاً بين التفكير بصوت مسموع وبين تقديم ديكورات تقليدية يتم من
خلالها إعادة تمثيل الوقائع..
فنجد مشاهد تمثيلية مُختلقة للقاءات بين جاك
جوجار - المدير السابق للوفر – (الذى مثله لوى دو دى لينكويسى) وبين الكونت فرانز
ولف ميترينتش (الذى مثله بنيامين يوتزراثا) الذى كان يترأس برنامج المحفوظات الثقافية
الألمانية.
ميترينتش كان أرستقراطى ألمانى مُثقف وافق فى
صمت على ما يفعله جوجار من جهود لإخفاء الكثير من زخائر اللوفر الفنية حتى لا
ينهبها النظام النازى، وحدث ان أقاله هتلر من منصبه فى نهاية المطاف.
لكن هذه المشاهد كانت قليلة ومتباعدة تتخللها
لقطات لباريس فى ذلك الوقت من خلال صور أرشيفية وعديد من الفقرات المُتخيلة التى
يتخللها نابليون بونابرت (الذى مثله فنسنت نيمث) وميريان (التى مثلتها جوانا
كارثالس ألتيس) وكلاهما يجسدان الروح الفرنسية فى شعارها (الحرية والمساواة
والأخوة)، نرى الشخصيتين تجلسان على مقعد
يواجه لوحة الموناليزا لليوناردو دافنشى، بينما نابليون يقول مفسراً، "هذه
اللوحة هى أنا".
فنسمع صوت ألكسندر سوكوروف هامساً
"عزيزتى ميريان..... إهربى منه"
ما يرمى إليه نابليون بالطبع، هو أنه كان أحد
العوامل فى توسعة متحف اللوفر وما أصبح عليه اليوم.
احد التيمات الجانبية لفيلم سوكوروف هى ان
النازية لم تكن هى الوحيدة التى تنهب، فالعديد من تحف اللوفر تم الإستيلاء عليها
خلال الحملات العسكرية الفرنسية.
فيلم "فرانكفونية" يمتلأ بمثل هذه
الأفكار التى تجزء الفيلم، لكن وعلى الرغم من اللقطات الكثيرة لروائع الاعمال الفنية
بالمتحف، فالأمر لم يكن يستحق عناء حمل الكاميرا إلى اللوفر.
توجد لقطة مصطنعة لطائرة ألمانية تتحرك
بالتصوير البطئ خلال بهو فى المتحف حملت دلالة بصرية مُذهلة، لكنها تقف بعيداً عن
كل الفيلم الذى يتميز بالجمود والغموض والضبابية، فالفيلم كله يبدو كما لو كان
لقطة إخبارية واحدة وتم تصويره على الإضاءة الطبيعية (الفيلم تم تصويره بهذه
الطريقة، ومتحف اللوفر ساهم فى إنتاج الفيلم ضمن قائمة المساهمين فى الإنتاج)
عنوان الفيلم "فرانكوفونية" يشير
إلى مجموعة الشعوب التى تتحدث الفرنسية وإلى الإمبراطورية الفرنسية.
"أين يمكن لنا أن نكون
بدون متاحف؟" هكذا يتسائل سوكوروف، إنه سؤال جيد، ومؤخراً فى الفيلم ومع
علامة إنقضاء ساعة من زمن الفيلم يسأل سوكوروف، "ألم تتعب من الإستماع لى حتى
الآن؟" فإذا لم تكن تعبت فسوف تشعر بالتعب فوراً.