28‏/08‏/2011

الحافلة

ممدوح شلبى
كريم ابراهيم
منذ اللحظة الاولى ونحن نستكشف فيلما روائيا قصيرا بعنوان الحافلة ، فاننا ندرك اننا ازاء فيلما كبيرا لسينمائى مخضرم .
ان الفيلم يبدأ بلقطة قريبة لمنبه ينطلق صوته فنرى يدا تدخل الكادر ثم تُوقف صوت المنبه ، بعد ذلك تتابع لقطات قصيرة جدا يدوم كل منها ثانية واحدة او ثانيتين ، تُلخص لنا طقس الاستيقاظ الذى نجربه نحن ايضا طوال حياتنا ، فدخول الحمام ومياه الصنبور وكوب الشاى او القهوة  ثم اصطفاق باب الخروج وراءنا ، هذه كلها طقوس يومية نعرفها ونحفظها جميعا عن ظهر قلب ، ويتشارك فيها كل الناس سواء كانوا فى ألمانيا او ايطاليا او اليابان او مصر او اى مكان آخر .
ان المخرج كريم ابراهيم ( او كريم قنديل ) يختزل طقوس الاستيقاظ فى ثوان قليلة وهو على ثقة من ان التطويل او الاسهاب سيُصيب جمهور فيلمه بالرتابة .
فمنذ اللحظة الاولى نحن امام مخرج يعى عصره ويعى تقاليد المشاهدة ويفهم جيدا ما هو الزمن الضعيف - كاصطلاح سينمائى -  والزمن القوى ، ذلك الذى سوف نتعرف عليه مع هذا المخرج .
ان المخرج يختار لحظة اصطفاق الباب لتقديم عنوان الفيلم الذى نراه باللغة الالمانية واسفله بالعربية كلمة الحافلة حيث نستمع الى الموتيفة الموسيقية للفيلم والتى تعزفها  آلة وترية  ، وسوف تتكرر نفس الموتيفة طوال الفيلم فى لحظات يختارها كريم بعناية .
ثم نرى الكاميرا تستقبل بطلة الفيلم من خلال الباب الزجاجى لمدخل البيت ، ونراها تقترب ثم تفتح الباب لنرى وجهها فى لقطة قريبة جدا ، ونكتشف ايضا اننا امام ممثلة من الدرجة الاولى فاطلالتها والنفس الذى تستنشقه ونظرتها التى ترسم معنى الملل واليأس ، هى امور لا تستطيع ممثلة هاوية ان تختزلها بمثل هذه البراعة ، ونستمع الى صوتها من خارج الكادر باسلوب التعليق .
ان الفيلم يتم تقديمه فى صيغة الراوى من خلال بطلة الفيلم ، ويتداخل صوتها كراوية مع الحوار البليغ فى هذا الفيلم الفذ ، حيث نستمع اليها تقول لنا ( انها السابعة ) ونرى المخرج ينقلنا فى لقطة عامة لنرى بطلة الفيلم تقطع الطريق امام منزلها ، لتظهر فى لقطة عامة اخرى يتصدرها قدم احد الاشخاص فى مقدم الكادر يقف على محطة حافلات ، مع استمرار صوت التعليق لتخبرنا البطلة ( لن اعتد ابدأ هذا الجو المظلم القاتم ) .
وتواصل الكاميرا استقبالها للممثلة حتى تصل الى قرب الرجل فيقطع المخرج على لقطة عامة اخرى لمحطة الحافلات فى المواجهة .
لقد اسس المخرج فى هذه الثوانى القليلة مكان وزمان الفيلم والحالة النفسية لبطلته ، ثم يقطع على نفس المكان ومن نفس الزاوية ولكنه يقترب اكثر ، بينما نرى البطلة تتطلع الى جانب الطريق فى ترقب وانتظار للحافلة وتنظر الى ساعة يدها ، ثم نستمع الى تعلقها من خارج الكادر ( الساعة السابعة تماما فى يوم شتوى بارد ) ثم تستدرك فى لقطة متوسطة جانبية من وجهة نظر رفيقها الذى ينتظر بدوره فى محطة الحافلات ( اليوم مثل الامس مثل الغد ) .
بتلك الكلمات سوف نتذكر مسرح العبث ولكننا الآن لسنا فى لحظة عبثية ، انها لحظة من لحظات مواطنة تعاصرنا وتُمثلنا وتنطق بما يجول فى نفوسنا ، حيث الفيلم كله ينتمى الى الزمن القوى - بالمعنى الدرامى الاصطلاحى – فكل تفصيلة وكل ثانية يتم وضعها بعناية لتثبيت حالة نفسية واحساس انسانى عام نتشارك جميعا فيه .
وبينما تواصل البطلة تعليقها نسمع صوت الشخص المجاور لها يقاطعها بالسؤال عن الساعة ، لقد تم تقديم هذا الشخص من قبل فى اللقطة العامة لذلك فان المخرج ينقلنا اليه مباشرة فى لقطة قريبة ، بينما البطلة تواصل تعليقها الذى يجعلنا نرى ما تراه فهى الآن اصبحت تعرف شيئا عن هذا الرجل بعد ان كان مجرد شخص ، انها الآن تعرف كيف يلبس وماذا يحمل فى يده وتُعبر لنا عن انطباعاتها عنه .
ان هذا الاسلوب السينمائى البليغ لا يُقدمه الا مخرج مخضرم ، يعرف كيف يقدم شخصيات فيلمه فى توقيتات مناسبة ليختصر ركاكة التطويل والاسهاب المرير الذى تعودنا عليه فى السينما المصرية واحيانا السينما العالمية ، فقد اصبحنا الآن اكثر معرفة بالشخص لكن الفضول مازال يتملكنا مثل البطلة ، وهكدا يتقدم الفيلم فى انسيابية ولغة بليغة ماهرة .
ان الفيلم يبدأ من هذه اللحظة ، فالحوار بين الشخصتين والذى لا يتعدى كونه مجرد سرد لتجربة هذا الرجل الحياتية النادرة ، دون ان يحتوى الفيلم على تلك الضلالات التى تعلمناها فى دراستنا للفيلم الدرامى  فالفيلم لا يحتوى على ازمة ، والازمة تتحول الى صراع يتطور حتى نصل الى ذروته لينتهى بانتصار احد الاطراف والتى غالبا ما تُرضينا .
ان فيلم الحافلة فيلما حداثيا – او ما بعد الحداثية – كصيغة فنية اسست لها الموجة الجديدة فى فرنسا فى ستينات القرن العشرين لتصل الى ذروة بريقها فى افلام عباس كياروستامى وخاصة فيلمه طعم الكريز الحاصل على سعفة كان الذهبية باستحقاق فى عام 1997 , حيث البنية الفيلمة تختصر الحياه بالحياه نفسها لتضرب باساسيات الفيلم التقليدى عرض الحائط .
ان فيلم الحافلة يحتوى على لغة حوار ادبية بليغة ، وخاصة فى مونولوج هذا الرجل الذى يتحدث عن عمله السابق كمصور حرب ، وتجربتة النادرة وما حدث له ونهاية عمله ثم تسريحه من العمل .
ونتساءل هل هذا الرجل مجنون ؟ ورغم ان المخرج يكشفه لنا ويُعريه تماما عندما نراه يتراجع فزعا ونكتشف بعد ذلك انه رأى مالم نراه نحن ، انه فعلا مجنون لكننا لا نتهمه ، اننا ايضا لا نتعامل مع جنونه على انه مرض لاننا ايضا اشباه له .
كيف لنا ان نتهم بالجنون من يُلخص مواجعنا فى هذا الزمن الصعب ؟ ان البطلة نفسها لا تنظر اليه على انه مجنون .
ان كريم ابراهيم هو من كتب هذا السيناريو عن قصة قصيرة ألفها بنفسه ، لنرى تطبيقا عمليا لنظرية المخرج المؤلف ، لكن هذه النظرية عند كريم ابراهيم تدخل الى مستو جديد وزمن واعد حيث يستطيع اى اديب ان يصنع فيلمه وان يستثمر هذا الوسيط الجديد لاثراء تجربته الادبية ، فالصورة تغنى عن ألف كلمة .

ان الحرفية العالية للفيلم ولغة الحوار الادبية والدقيقة فى التعبير عن الشخصيات وحالتهم ، واستخدام الكاميرا المحمولة بديلا عن الكاميرا الثابتة وتوظيف الموسيقى بهذا القدر من البراعة من خلال موتيفة تتكرر دائما - كان كريم هو الذى ألفها وعزفها بنفسه - وبراعة تقديم الفيلم بهذه اللقطات القصيرة جدا والتى تدوم ثوانى فتختصر بجزالة كل شئ وتُعبر عن شخصيتى الفيلم ، ثم تقديم الفيلم فى صيغة الراوى .
كل هذه اللمسات تقدم لنا مخرجا من الطراز الاول ، لا يمكن ان نعتبر فيلمه عملا للهواه ، انه شديد الاحترافية يمتلك ادواته ويُشكل بها كل ما يريد ببلاغة وسهولة ، اننا ازاء مخرج واعد ، نتمنى له الاستمرار وانا على ثقة من ان مخرجا فى مثل وزنه كفيل بان يُطهر نفوسنا من غثاثة ما علق بها من سينما هابطة .

ان المخرج كريم ابراهيم  ( او كريم قنديل ) ابن المسرحى السكندرى محمد ابراهيم ، وكريم من مواليد الاسكندرية فى عام 1981 ، حاصل على بكالريوس علوم من جامعة الاسكندرية ، وقد شارك فى الحركة الفنية المسرحية منذ طفولته ، فقد مثل فى مسرحية للاطفال بطولة ايمان الصيرفى وعزت الامام وجيهان نور ومن اخراج المخرج المسرحى صبحى يوسف .
ولقد عمل كريم بالجرافيك فترة من الوقت فى مصر ثم سافر الى ألمانيا ليواصل عمله فى الجرافيك ، وهو فى ألمانيا حاليا و يعمل فى شركة تستقبل طلبات الطلبة الوافدين .
انه لم يتعلم السينما بصورة احترافية لكن أثر فاسبندر وجودار وعباس كياروستامى باديا تماما فى فيلمه الذى يستحق الاشادة ، فتحية صادقة لهذا المخرج الواعد .
ويمكن مشاهدة الفيلم على الرابط التالى :-

نشرت هذه المقالة ايضا فى موقع عين على السينما
مع اجمل تحياتى
ممدوح شلبى .

19‏/08‏/2011

حبيشة والاسكندرية

مكتبة الاسكندرية
كتب :-  ممدوح شلبى
تأخذنا الاثرية البريطانية بيتانى هيوز الى عالمها الخاص ، حيث يبدأ الفيلم التسجيلى ( إسكندرية المدينة الأعظم ) بلقطة تستقبل هيوز تصعد درجات متحف الاشمولين فى اوكسفورد  وهى تتحدث الينا فيما يُشبه البرولوج المسرحى ، حيث تقول انها منذ 25 عاما ، تعلمت فى هذا المتحف الذى يُعتبر اقدم متحف فى العالم .
وتواصل الحديث فى هذه اللقطة المشهد لتحدد لنا بداية التاريخ الحديث ، حيث قيل لها عندما كانت طالبة ان تاريخ العالم الحديث يبدأ فيما بين عامى 380 الى 390 ميلادية  ،  ثم تحدد موضوع فيلمها ، الذى سيركز على المراحل الاخيرة من التاريخ القديم ، فى مدينة الاسكندرية .
تلك التى بناها الحالم العظيم الاسكندر الاكبر ، ليتم استكمال بناءها على يد الرجال الذين خلفوه لكى يتحقق حلمه فى مدينة تجمع العلماء والعمارة والفن وتضم على جدران مكتبتها معارف العالم وعلومه .

ان هذه اللقطة المشهد ليست لقطة واحدة كما ذكرت فهى  ثلاثة لقطات ، لكن عين المشاهد لن تلاحظ ذلك ، فالقطع يتم من بيتانى وإليها مرة اخرى لتقترب الكاميرا منها قليلا فى المرتين ، وكان المخرج يستطيع انجاز ذلك بزووم بطيئ ، ولكن ما فعله باسلوب القطع كان جميلا .

وفى قلب هذا المجتمع السكندرى ، فان العالمة والفيلسوفة حبيشة السكندرية ، تبرز كشاهد على زمن استثنائى ، يشهد انتهاء عصر الوثنية وبداية التاريخ الحديث وسط احداث وقلاقل كانت شاهدة عليها .

وينتقل الفيلم الى المشهد الثانى ، حيث يضعنا المخرج على سطح قلعة قايتباى بالاسكندرية ، لتواصل بيتانى هيوز حديثها الينا ، حيث يظهر بحر الاسكندرية خلفها ، ويستخدم المخرج لقطات من الفيلم الروائى العالمى ( اجورا) الذى تناول قصة حبيشة ، للربط بين ما نسمعه فى شريط الصوت على لسان بيتانى ، وما نراه  يتجسد امامنا .
حيث الاسكندرية القديمة والحديثة تتداخلان معا فى تناغم واتصال ، فالمدينة القديمة مازالت موجودة تحت بحر الاسكندرية وشوارعها ، وينتهى هذا المشهد ليظهر عنوان ( الاسكندرية ، المدينة الاعظم ) باسلوب الطبع على لقطة للمدينة القديمة بمنارتها الشهيرة من فيلم اجورا .

ويبدأ الفيلم بعد مشهدى المقدمة بلقطات متنوعة للاسكندرية الحديثة ، وصوت بيتانى يقول لنا ان مدينة الاسكندرية وعلى مدى 2300 سنه منذ ان انشأها الاسكندر الاكبر ، كانت نقطة الوصل بين الشرق والغرب ، وان المدينة القديمة برغم وجود المدينة الحديثة بزخمها الذى يشغل كل جزء فيها ، فان المدينة القديمة عصية على النسيان .
 وعندما تبدأ اولى لقطات الفيلم فى شوارع الاسكندرية نستمع الى صوت ( طبلة بلدى ) ، ان المخرج ( نك جيلام سميث ) يُذكر جمهوره البريطانى بموتيفة لا تُخطأها الاذن للتعبير عن الشرق ومصر ، وتواصل بيتانى حديثها الينا اثناء سيرها فى الشارع ، لتخبرنا عن هذا المكان الذى  دُفن فيه الاسكندر وشهد كليوبترا ومارك انطونيو ويوليوس قيصر ، وانها المكان لاحد عجائب الدنيا السبع .

ثم يتواصل الفيلم - والحقيقة ان تقسيم الفيلم الى مشاهد ليس وصفاً دقيقا لوصف هذه المشاهد لان كل مشهد يميل الى ان يكون ( بلوكا ) حيث يحتوى على مداخلات من لقطات خارج المشهد ، لكنها ذات صلة بالموضوع ، ومن ثم فالافضل الا نقسم الفيلم الى مشاهد وان نتركه ينساب امامنا فى تدفق مذهل . -

سنجد الفيلم يتوقف عند الاسكندر الاكبر ، حيث نرى تمثالا له من زوايا متنوعة ، وصوت بيتانى تقول ان الاسكندر الاكبر المولود فى مسادونيا ، قام بتوحيد اليونان ثم هزم الامبراطورية الفارسية ، ليؤُسس اكبر امبراطورية عرفها التاريخ .

ثم يأخذنا المخرج الى منطقة سقارة فى الجيزة ، ونرى بيتانى هناك تواصل حديثها عن الاسكندر ، فقد كان طموحا ، فعندما كان عمره 24 عاما ، كان العالم تحت سيطرته ، لكن اكبر جائزة حصل عليها كانت مصر، وتتطلع بيتانى خلفها باعتزاز الى هرم سقارة المدرج ، ثم نراها تمشى فى احد معابد الاقصر .

- هذا تداخل مكانى مبرر تماما لان المخرج يريد توضيح فخامة هذه الحضارة التى وضع الاسكندر يده عليها . - مصر التى يرويها النيل لتزدهر على ضفافها الابداعات الهندسية ، مصر التى كتب عنها هيرودوت ابو التاريخ ، ان مكانا فى العالم لا يشبه تلك البلاد العظيمة بانتاجاتها وعظمتها .

 ان الاسكندر غزا مصر فى عام 322 قبل الميلاد ، ولكن كيف استطاع الاسكندر ان ينال كل ذلك التكريم من الشعب المصرى ؟ .
هذا السؤال تُجيب عنه الاثرية المصرية سليمة اكرام ، التى تصاحب بيتانى فى منطقة سقارة الاثرية وتنزل معها الى مقبرة حابى ، فالاسكندر زار معابد المصريين وقدم الاموال والهدايا ، فمال المصريون اليه ووقروه .
وفى مقبرة حابى سنرى روعه التصوير الداخلى على اضاءة صناعية غير متكلفة ، وسوف نرى لقطات كلوز اب لسليمة اكرام وبيتانى ، انها من اللقطات الكلوز اب القليلة  فى هذا الفيلم الذى يدوم 52 دقيقة .

ومن هذا المشهد الداخلى ينقلنا المخرج الى لقطة لقرص الشمس بكامل دورانها ، مستخدما فلترا على عدسة الكاميرا ، ثم لقطة لسعفه نخل يتلألأ ضوء الشمس من بينها ، لينتقل الى بيتانى فى صحراء سقارة وبجوارها عامودين اثريين ، لتواصل تعليقها على الاسكندر ، الذى نظر اليه المصريون - نتيجة لحسن معاملته وتقديره لثقافتهم - ليس بصفته غاز او ملك ولكن كمعبود متجسد .
وسوف نلاحظ ان المخرج يستخدم الزوم ليقترب تدريجيا من بيتانى فى هذه اللقطة .
بعد ذلك يتغير المشهد تماما حيث نرى بيتانى على مقعد فى حافلة ، وزجاجها الجانبى يكشف لنا مشهدا تقليديا للارض المصرية الخضراء والكاميرا تكشف هذه المناظر اثناء حركة الحافلة ، بينما بيتانى تتأمل ، وبدلا من ان تتحدث الينا كالعادة ، فاننا نستمع الى تعليقها من خارج الكادر .

وهنا ينبغى ان نوضح ان شريط الصوت فى هذا الفيلم عبارة عن ثلاثة مستويات تتداخل فيما بينها , اولا المخاطبة المباشرة لبيتانى لجمهور فيلمها وكأنها صديقتهم , ثم التعليق بصوت بيتانى , وثالثا الحوار عندما تتحدث مع احد ضيوف الفيلم , هذا التنويع الصوتى اساسى ولا غنى عنه , فالفيلم يحتشد بالتفاصيل , ولو استخدم المخرج مستوا واحدا لشريط الصوت لكانت النتيجة كارثية .
بيتانى هيوز
وفى تعليقها تقول ان خطة الاسكندر للسيطرة على مصر ، بدأت من اختياره لمكان مدينة جديدة يتخذها عاصمة ، فيقطع المخرج على خريطة مصر التى تصور نهر النيل وعلى ضفافة ثلاثة نقاط تُمثل ممفيس وسقارة والاقصر ، ثم تتلون بقعة ملونة فى اقصى شمال الخريطة عند مدينة الاسكندرية ، فالاسكندر اراد ان تكون مدينته متصلة باليونان عبر البحر ، وان تكون فى القلب من امبراطوريته .
بعد ذلك يقطع المخرج على مياه الاسكندرية وثمة صيادين هواه يدلون سنانيرهم فى المياه المائجة ، ثم نرى بيتانى تمشى فى منطقة الطابية وخلفها قلعة قايتباى ، مُمسكة بكتاب تستشهد ببعض سطوره عن جزيرة فاروس التى تقف الآن عليها ، ثم يقطع على منطقة بحرى الساحلية فى لقطة عامة تتصدرها مراكب الصيد ووتحرك الكاميرا ( بان ) تستعرض المكان .
وبعد ذلك نرى بيتانى جالسة على سطح قلعة قايتباى وعلى قدميها تسند خريطة للاسكندرية ، وفى يدها قلما ، ثم ترسم به خطا يُمثل الطريق الذى ردمه الاسكندر ليربط الاسكندرية بجزيرة فاروس ، وخطا أخر فى منطقة السلسلة فى الشرق ، ليصنع الميناء الشرقى , الذى كان اعظم ميناءا فى التاريخ .

ولاننا الأن فى الاسكندرية فالفيلم يقدمها فى لقطات متنوعة بديعة ، بميناءها الشرقى وشوارعها النظيفة ، وتتداخل لقطات من فيلم اجورا ،  مع استمرار التعليق ، فخلفاء الاسكندر واصلوا العمل لتحقيق حلمه بجعل مدينة الاسكندرية مدينة للتجارة والعمارة والثقافة ، وينتهى هذا القسم من الفيلم بظهور عنوان ( الاسكندرية ، المدينة الاعظم ) مرة اخرى باسلوب الطبع على لقطة للفنار التاريخى مأخوذة من فيلم اجورا .

ويبدأ قسما جديدا للفيلم ، بجزء يلخص ما سبق الحديث عنه فى الفيلم ، انه ليس تكرارا لما سبق شرحه ، انه بمثابة التحضير لنقلة جديدة فى الفيلم حيث تظهر لقطات لهرم خوفو فى مشهد الغروب ولقطة لتمثال الاسكندر الاكبر ، وهنا يستخدم المخرج اسلوب المزج بين وجه تمثال الاسكندر ولقطة عامة لمدينة الاسكندرية فى علاقة ترابطية .
ثم يبدأ هذا القسم الذى يتناول تفاصيلا اكثر تحديدا من الاسكندرية القديمة ، من خلال مقبرة اثرية فى منطقة كوم الشقافة ، وتتحاور بيتانى مع ضيفها الثانى فى الفيلم انه كولن كليمنت الذى يُصاحب بيتانى نزولا الى هذه المقبرة ، انه عالم اثرى يتبع مركز دراسات الاسكندرية .

وفى داخل هذه المقبرة نرى ملامح الفن والثقافة لمدينة الاسكندرية القديمة التى تمزج الثقافة الاغريقية والرومانية برموزها وآلهتها  بالثقافة المصرية الفرعونية ، ويتضح ذلك فى ثماثيل المقبرة او منحوتاتها الجدارية ، ونشاهد نحتا جداريا عجيبا برأس حيوان كتقليد فرعونى معروف  اما  الجسم فانه يرتدى ازياءا يونانية .
ونرى بيتانى بعد ذلك فى لقطة خارجية تكشف اطلالا اثرية ، تضم اعمدة مهشمة مُلقاة على ارض معشوشبة. - انا لا اعرف على وجه الدقة مكان هذه الاطلال , لكن الاسكندرية تزخر بمثل هذه الاطلال فى مواقع عدة بعضها فى قلب الكتلة السكنية تُحيطها المبانى من كل ناحية.-

فى هذه اللقطة تواصل بيتانى حديثها الممتع عن الاسكندرية ومؤسسها الاسكندر ، ان مدينة الاسكندرية ليست مثل مثيلاتها من المدن الاثرية حول العالم ، فبنيتها الاولى لا تنتمى الى المرحلة البرونزية او الكلاسيكية لتتواصل بنيتها عبر العصور .
ان الاسكندرية مدينة جديدة ( بالمقياس التاريخى للمدن ) وهى من ابداع رجل تعلم علما عاليا ، فالاسكندر عندما كان فى الثالثة عشر من عمره تعلم على يد ارسطو .

ثم نستمع مرة اخرى الى صوت الطبلة البلدى ، بينما بيتانى تظهر وهى تسير لتدخل فى بوابة المسرح الرومانى ، ان بيتانى تسمى المكان كوم الدكة .
- وهذا هو اسمه الرسمى , لكن اهل الاسكندرية يعتبرون منطقة المسرح الرومانى من معالم محطة الرمل , انه الاسم الاكثر شيوعا , علما بان مدخل المسرح الرومانى قريب من ميدان الشهداء المعروف باسم محطة مصر - وعندما تدخل بيتانى الى حرم هذه المنطقة الاثرية الهامة تتقابل مع الضيف الثالث للفيلم ، انها ايمانولا كوليكا ، واحدة من البعثة الاثرية البولندية ، التى تقدم لبيتانى واحدة من انجازات بعثتها ، فقد انتهى تنقيب هذه البعثة - الذى استمر لسنوات طويلة - على اكتشاف قاعة محاضرات .
- لقد شهدت بنفسى هذا التنقيب منذ حوالى سبعة عشر عاما ، فى اثناء زيارتى نهارا لمسرح الرومانى ، حيث اقتربت فى فضول من اثرى كان منكبا على عمله بمفرده على الارض يزيح عنها الاتربة بكف يده وتعرفت عليه ، لقد كان بولنديا -

اننا نرى قاعة المحاضرات المكتشفة بحالة جيدة  وبوضوح تام ، وهى تتخذ شكلا مستطيلا يتكون من ثلاثة مدرجات لتستوعب ثلاثين طالبا كانوا يدرسون فى مثل هذه القاعات القانون والعلوم ، كما تستفسر بيتانى عن مكان المحاضر ، فتشير ايمانولا الى درجات تطل على القاعة فتجلس بيتانى على هذه الدرجات ، وتوجه ملاحظة ، ان المكان حار جدا هنا ، فترد عليها ايمانولا بان قاعة المحاضرات كانت مسقوفة بسقف ارتفاعه نحو اربعة او خمسة امتار ينتصب على اعمدة حجرية مازالت بقاياها موجودة .
وتتداخل لقطة من الفيلم الروائى اجورا لقاعة محاضرات فى كامل ابهتها باسلوب المسح فتبدوالقاعة فى فيلم اجورا متطابقة تماما مع الاثر ، لقد كانت الاسكندرية ونتيجة لهذا التعليم العالى تزخر بالافكار والرؤى الطليعية ، وتتابع لقطات من فيلم اجورا ونسمع صوت بيتانى تتحدث عن مستوى المعرفة آنذاك , فعلماء الاسكندرية ابتكروا الادوات العلمية التى تمكنهم من الاحاطة العلمية الدقيقة للكون ، كذلك فان كروية الارض كانت معرفة لهم وان الارض تدور حول الشمس .

وهنا يبدأ الفيلم فى الاشارة الى حبيشة السكندرية ، لقد مضى نحو نصف الفيلم تقريبا ، لكن هذه المقدمة لا غنى عنها ، انها تؤسس للموضوع الرئيسى الذى لا يمكن ان نتناوله بمعزل عن السياق التاريخى والحضارى الذى ظهرت فيه عالمة وفيلسوفة استثنائية مثل حبيشة .
حبيشة السكندرية
ان العالمة السكندرية حبيشة ، والتى انتجت السينما العالمية لها فيلما روائيا برأس مال اسبانى ونجوم امريكيين ، تستحق كل هذا الاهتمام ، انها بالاضافة لكونها فيلسوفة ، فانها ايضا عالمة رياضيات وفلك ، وان دورها لم يقتصر على ذلك فقط بل انها ايضا اخترعت الاسطرلاب ، ذلك الجهاز المعدنى الدائرى ، الذى نعرف كيف يعمل من خلال ضيف الفيلم الرابع .
انها الاستاذة هدى الميقاتى ، وتتحاور معها بيتانى داخل القبة السماوية فى مكتبة الاسكندرية ، ونلاحظ ايضا روعة التصوير الداخلى على الاضاءة المتاحة ، وكثرة استخدام الكلوز اب فى مثل هذه المشاهد الداخلية .

لم تكن تلك الفقرة من الفيلم مباغتة فقد مهد المخرج بلقطات لمكتبة الاسكندرية ومتابعة بيتانى والدكتورة ميقاتى تدخلان المكتبة .
ويستكمل المخرج هذا البلوك بلقطة خارجية من شرفة غرفة بيتانى فى الفندق الذى يطل على الميناء الشرقى فى محطة الرمل ليلا ، انها لقطة بديعة تستغلها بيتانى للتأكيد على اهمية الانجازات العلمية والمخترعات التى وصلتنا من تلك المدينة الاسطورية بينما نموذجا من اسطرلاب حبيشة يظهر بين يديها ، ثم تدخل عدة لقطات من فيلم اجورا فتظهر الاسكندرية القديمة حية وصاخبة بمبانيها ، لينتهى هذا القسم من الفيلم بنفس العنوان ( الاسكندرية ، المدينة الاعظم ) باسلوب الطبع على لقطة الفنار من فيلم اجورا .
ويبدأ قسما جديدا للفيلم ، بلقطة لمدينة الاسكندرية الحديثة بمبانيها الشاهقة ، ولقطات لشوارعها ، فتتداخل لقطات من فيلم اجورا لنفس الشوارع ، والحديث مستمر عن حبيشة .

ان الفيلم يحتوى على لغة حوار بليغة اقرب الى الشعر ، سواء فى وصف حبيشة او الاسكندر او مدينته التى كانت ارهاصة بعصر العلم .
وفى هذا القسم من الفيلم فانه مخصص لعلم الطب الذى كان احد انتاجات هذه المدينة العظيمة من خلال العالم جيلار ، ان بيتناى تتحدث الينا وهى تستقل سيارة تجوب شوارع الاسكندرية ، لكنها عندما تبدأ فى تقديم الانجاز الطبى تنتقل الى معمل ( فى الغالب بريطانى ) لعلم تشريح الحيوان .
ونرى ضيف الفيلم الخامس ، انه عالم التشريح البيطرى ، دكتور ديفيد بينبريدج ، الذى يشرح على اجزاء حية من مخ واعضاء حصان ، وهو يفسر لنا كيف ان جيلار هو اول من درس المخ دراسة علمية ، وان علم الطب والتشريح كان جديرا بان يتحقق عند المصريين .
فالمصريون كانت لهم خبرة فى التحنيط ، واستخراج الاعضاء القابلة للتعفن من جسم الشخص المحنط قبل تحنيطه ، وتتدخل بيتانى لتوضح انهم كانوا يستخرجون المخ من انف المتوفى على سبيل المثال ، فيصصح لها ديفيد بان هيرودوت هو من قال ذلك ولكنه خطأ  فالانف صغيرة ولا يمكن استخراج المخ منها .

ونعود فى هذا القسم مرة اخرى الى الاسكندرية الحديثة وشوارعها مع لقطات من الاسكندرية القديمة المأخودة من فيلم اجورا ، بهدف التمهيد لقسم جديد من الفيلم لا يستهله المخرج بتكرار للعنوان كما سبق ان عودنا .
هذا القسم الجديد يتناول مكتبة الاسكندرية ، التى تمثل طموح المعاصرين لضم كل نسخة من اى كتاب فى العالم الى ارفف مكتبة الاسكندرية ، تماما مثلما كانت المكتبة القديمة التى اختفت تماما .

ان لقطات المكتبة رائعة وثمة لقطات من فيلم اجورا للمكتبة القديمة بلفائف البرديات الموضوعة بداخل ارفف المكتبة ، ان المكتبة الحديثة تضم العلوم والآداب وكافة المعارف ، كما تضم اللغات شتى ، والقديم منها مثل اليونانية والعبرية واللاتينية والبابلية والعربية .

وهنا يجب ان نتوقف لاثارة قضية سبق ان اخذت حيزا كبيرا من اهتمام الرأى العام المصرى وربما العالمى ، فقد سبق لوزير الثقافة المصرى فاروق حسنى  نفيه فى مجلس الشعب ان تكون الكتب العبرية موجوده فى مكتبة الاسكندرية وذلك ردا على استجواب من احد الاسلاميين وقال انه سيحرق اى كتب من هذا المثيل ، ثم عاد واعتذر عالميا عندما كان مرشحا لادارة اليونسكو ، والحقيقة ان وجود الكتب العبرية فى مكتبة الاسكندرية لا يُمثل اهانة للمكتبة او الثقافة العالمية ، فالازهر الشريف نفسه يعتمد فى مرجعياته احيانا على التراث العبرى فيما يُعرف باسم الاسرائيليات ، فالتراث العبرى هو تراث انسانى ومرجعى لاتباع الدين المسيحى والاسلامى ، كما انه تراث انسانى عالمى بصرف النظر عن الموقف الراهن من الصراع العربى الاسرائيلى .

كما تضم المكتبة بقايا برديات تُعتبر النسخ الوحيدة والفريدة من نوعها ، وهنا يبدأ الفيلم فى التركيز على البرديات ، وجهود ترميمها والحفاظ عليها ، وهذا الجهد ليس مقتصرا فقط على مكتبة الاسكندرية بل فى اماكن شتى من العالم .
فنخرج الى فناء مكتبة كلية كريست تشارش باوكسفورد فى بريطانيا ، ونرى بيتانى تعبر هذا الفناء المعشوشب البديع لكى تدخل الى هذه المكتبة ، ثم تستضيف عالم برديات متخصص انه الدكتور ديرك اوبينك , الضيف السادس فى الفيلم وفيما حوله بقايا برديات مُرممه .

ويقول دكتور ديرك ان المكتبة تحتوى على نصف مليون من بقايا البرديات ، من بينها بقايا برديات لهوميروس سواء لملحمة الالياذة او الاوديسيا ، وبعضها برديات فلسفية او تراجيديات وكوميديا اغريقية .
(والحقيقة اننى انا نفسى قمت بترجمة مسرحية للشاعر الكوميدى الاغريقى مناندر من الترجمة الانجليزية  اسمها التذمر ، وقد تم اكتشاف هذه البردية فى صعيد مصر فى مطلع خمسينات القرن العشرين ، ولولا هذه البردية ربما لم يكن العالم قد عرف شيئا عن مناندر سوى اسمه واسماء مسرحياته المائة.)

ان قانون الاسكندرية القديمة كان يحظر الكتب من مغادرة البلاد ، كما يحتم تفتيش اى سفينة تدخل البلاد واستنساخ ما تحتوى عليه من برديات .

ونرى بيتانى مرة اخرى فى مكتبة الاسكندرية لتخبرنا ان عدد الكتب الورقية يصل لنحو نصف مليون كتاب حتى الآن ، كما تُطلعنا عن الكومبيوير العملاق الذى يحتوى على كافة المعلومات الالكترونية من كافة مواقع الويب . ان طموح مكتبة الاسكندرية الحديثة شبيه بما كان عليه حال المكتبة القديمة التى كانت تحتوى على كل الكتب بالمعنى الحرفى للكلمة ، ثم ينتهى هذا القسم بتكرار للقطة المنار المطبوع عليها عنوان ( الاسكندرية ، المدينة الاعظم ) .

ثم يبدأ قسما جديدا للفيلم وهو قصير جدا يتناول من خلال لقطات من فيلم اجورا وصوت بيتانى ، تلخيصا لمأساة الاسكندرية التى انتهى عصرها الذهبى بالتدمير العمدى لآثارها ومكتبتها ، ان هذا القسم القصير جدا يُعد بمثابة  تمهيدا لاهم اقسام الفيلم والذى يبدأ ايضا بظهور عنوان ( الاسكندرية ، المدينة الاعظم ) باسلوب الطبع على لقطة للمدينة القديمة بمنارتها الشهيرة مأخودة من فيلم اجورا .
ويبدأ هذا القسم الجديد بسماعنا لموسيقى تبدو شرقية تماما ، بلحنها الحزين الذى تعزفه آلة الناى ، ونستمع الى صوت بيتانى تخبرنا ، انه مع حلول عام 380 ميلادية ، وبعد ان عاشت الاسكندرية مزدهرة لمدة سبع قرون ، وقادرة على تقديم الافكار والمفكرين من امثال حبيشة - حيث نرى صورة بورترية لها - .

وتواصل بيتانى قائلة ان الاسكندرية كانت المدينة الاعظم بعد روما ، ليس كقوة عسكرية ولكن بقوتها العلمية وانجازاتها الحضارية .
ثم نرى كنيسة من كنائس الاسكندرية بنقوشها الزاهية ، ونرى بيتانى بداخلها ، تُحدثنا عن ظهور الدين المسيحى وازدياد اتباع هذه الديانة فى العصر الذى تواجدت فيه حبيشة .

ان المسيحية ظهرت فى الاسكندرية منذ القرن الاول الميلادى ، ليتم اتخاذ المدينة كقاعدة لنشر المسيحية فى افريقيا ، ولم يكن ثمة خوف من ازدهار المسيحية فى المدينة القديمة ، بل ان آباء المسيحية الاوائل قدروا انجازات الحضارة اليونانية والرومانية مثل اعمال ارسطو وبلوتو .
لقد كان عصر تسامح وتعايش بين اتباع الوثنية والدين المسيحى ،  لكن الصراع بدأ بين الوثنية والمسيحية كأمر حتمى ، ثم تحولت المسيحية الى المطالبة بان تكون - ليس فقط تيارا روحانيا يؤمن بوحدانية الله - ولكن ان تكون ايضا صاحبة قوة .
لقد كانت حبيشة وثنية ولكن عددا من تلامذتها كانوا مسيحيين , وبدأ الصراع مع القسيس سيريل , ما ادى الى صدام كانت حبيشة ضحيته .

ثم يظهر الضيف السابع للفيلم ، انه جاستين بولارد ، المؤرخ والاثرى الذى عمل مستشارا فى فيلم اجورا ، ان لوحة المعبد القيصرى تبدو فى الخلف منه ، ويُخبرنا بان المسيحيين نظروا الى حبيشة نظرتهم الى الساحرات الدجالات .
ونسمع صوت بيتانى تقول ان احد معاصرى حبيشة كتب ان اختراعها للاسطرلاب ، اُعتبر قرينة لاتهامها . ونرى بيتانى فى شارع بالاسكندرية ، قريبا من مسرح سيد درويش ، ونقرأ عنوانا بان هذا المكان ، كان هو مكان المعبد القيصرى .
لقد تم تدمير المدينة فى هذه الظروف الاستثنائية ، كما تم قتل حبيشة ، وكان موتها موتا لساحرة ودجالة بالمفهوم المسيحى ، اما الاسكندرية  فلم يبق من مكتبتها الا 1 % فقط من لفائفها .

ثم نرى بيتانى فى لندن بالقرب من جسر فيكتوريا الشهير ، وتُشير خلفها الى مسلة مصرية ، تلك التى يُطلقون عليها الآن مسلة كليوباترا ، انها احد آثار مدينة الاسكندرية ، ونرى نفس المسلة فى لقطة من فيلم اجورا ، لقد تم استحضار هذه المسلة من مصر عام 1878 .
مسلة كليوباترا على نهر التيميز بلندن
ثم نرى بيتانى ايضا تواصل المسير وتتوقف بجوار تمثال مصرى آخر ينتصب فى هذه المنطقة الهامة من لندن ، لكى تنهى بيتانى فيلمها على حقيقة ان الاسكندرية القديمة زالت ، لكنها برغم ذلك جديرة بان نحتفى بها وبانجازاتها .

ما اروع هذا الفيلم الذى يحتشد بالمعلومات التاريخية ، وبالمشاهد المأخودة من الواقع لتتعاشق مع مشاهد من فيلم اجورا ، وما اروع اداء بيتانى هيوز التى لا تقل روعة عن الممثلات المحترفات .

وتمر علينا ال 52 دقيقة دون ان نشعر ، فايقاع الفيلم سريع ، وبرغم ذلك لا يفوتنا منه اى تفصيلة ، انه تجربة فيلمية جديرة بالمشاهدة ، انه ايضا انموذجا للفيلم التسجيلى المعاصر الذى ترسخ فى بريطانيا ، ولعلنا فى مصر والوطن العربى نهتم اكثر بنوعية الفيلم التسجيلى ، انه فى اهمية الكتاب لنشر الثقافة  فى عصر الوسائط المتعددة .
ويمكن مشاهدة الفيلم على الرابط التالى :-

فريق العمل بالفيلم .
تقديم بيتانى هيوز
المشاهد الدخيلة  :- من فيلم اجورا
تأليف :- جاستين بولارد ( الذى شارك فى انتاج الفيلم )
تصوير :- ميكو كرافن تود
صوت :-  محمد بطوط ومارتن ويلسون
موسيقى :- وحدة اوديو نت ورك
رسوم  :- جينجر هوو
مونتاج مباشر :- بن كال
مكساج :- مالكولم بيتى
ادارة الانتاج :- شاهانا مير
مسؤول مواقع التصوير :- محمد حواش
منتج مساعد :- جاك ماكنس
مدير انتاج :- زووى تيرنر
مونتاج استوديو :- اوليفر بيكر
تنفيذ الانتاج :- تليفزيون ليون , و بل لوك , وريتشارد برادلى
اخراج وانتاج :- نك جيلام سميث
-----------------------------------


مع اجمل تحياتى .
ممدوح شلبى