10‏/02‏/2012

حياة واعمال سبيك لى

مقالة ل :- روفى جاسون انكينى
ترجمة :- ممدوح شلبى 
استشهادا بجميع المصادر السينمائية , فان صناع السينما من الامريكيين الافارقة تواجدوا بشكل دائم منذ العمل الطليعى لاوسكار ميتشو فى عشرينات القرن العشرين , الا ان احدا لم يكن له ذلك التأثير الثقافى والفنى الذى حققه سبيك لى – سواء كمؤلف او مخرج او ممثل او منتج او ناشر او ناشط , فقد قام سبيك لى بتثوير الدور الذى يقوم به السود فى هوليوود , ممزقا عقودا من الكلاشيهات والصور النمطية عن السود ليؤسس لحنا جديدا ليصدح  به  الامريكيون الافارقة .
ان افلامه –  وهى سلسلة من الاحتجاجات السياسية الاجتماعية عالية النبرة والمتحدية - يتم تقديمها بالتزام موضوعى فى تحدى للتصورات الثقافية , ليس فقط فيما يتعلق بالعنصرية ولكن ايضا الاشكالية الطبقية واشكالية التفرقة بين الرجل والمرأة – ان افلامه تقوم بتثبيت وجوده كشخصية سينمائية معاصرة واسعة التأثير , كما انها  تبشيرا بجيل من الممثلين , ومن بينهم دينزل واشنطون  وويسلى سنيبرز  وسامول ال جاكسون –وانجيلا باسط  ولورانس فيشبارن .
وعلى طول مشواره الفنى , فان سبيك لى مهد الطريق لمزيد من صانعى الافلام السود مثل جون سينجلتون وماتى ريتش ودارنيت مارتن وارنست ديكرسون ( الذى عملا مديرا للتصوير فى احد افلام سبيك لى ) وألبرت هيوز و آلن هيوز .
اسمه الحقيقى شيلتون جاكسون لى , من مواليد اتلانتا , فى 20 مارس سنة 1957 , ولقد تربى فى بروكلين بنيويورك فى منطقة الخضراء الامامية .
وهو ابن لاحد موسيقى الجاز وهو بيل لى , واول شغف لسبايك لى كان شغفه بالرياضة , فقد كان مشجعا متحمسا لنادى نيكس لكرة السلة بمدينة نيويورك , وكان يخطط لان يصبح لاعبا محترفا لهذه اللعبة .
لكنه واثناء حضوره لاحتفالية كلية مورهاوس فى اطلانتا , فان شغفه بالسينما بدأ يسيطر عليه , واثناء حصوله على الدرجة الجامعية فى تكنولوجيا الاتصالات , فانه عاد الى نيويورك , ليقدم اول افلامه وهو ( الصخب الاخير فى بروكلين ) وكان فى عام 1977 , وهذا الفيلم يصور مجتمع السود الذى يختلط به اناس بورتريكو , اثناء ذروة  ماجنة فى احد حفلات الديسكو , وتم تصوير الفيلم بشرائط فيلم مقاس سوبر 8 وهو مقاس افلام كان مخصصا للهواه .
وبمجرد تخرجه من كلية مورهاوس , فقد التحق بمدرسة ( كلية ) تيس الجامعية للفنون , لينال درجة ماجستير  الفنون الجميلة فى تخصص الانتاج السينمائى
واول افلامه كان فى عام 1982 وهو يحمل عنوان
 ! Joe's Bed-Stuy Barbershop: We Cut Heads !
 ويمكن ترجمة هذا العنوان ب ( صالون حلاقة جو , نحن نقطع الرؤوس ) وكان اول فيلم يُخرجه طالب ويتم عرضه فى اهم مركز سينمائى فى امريكا والعالم وهو مركز لينكولن ضمن سلسلة ( مخرجون جدد وافلام جديدة ) كما حصل هذا الفيلم على جائزة الطالب من اكاديمية فنون وعلوم السينما.
شجعه نجاح هذا الفيلم فى ان يعرض نفسه كمخرج فى وكالة وليام موريس , ولكنه وعندما لم يحصل على عقود , فقد بدأ يبحث عن وسائل بديلة لتمويل الانتاج السينمائى المستقل . وبعد سلسلة من الاخفاقات استطاع ان يؤمن مبلغ 125 الفا من الدولارات لانتاج فيلما جنسيا نموذجيا بعنوان ( انها ستحصل عليه ) ولقد حصل به على جائزة العمل الاول من مهرجان كان السينمائى , وربح منه ما يقارب التسعة ملايين دولارا من شباك التذاكر.
وعلى الفور بدأت شركات هوليوود تتصل به , وفى عام 1988 عرض فيلمه المثير للجدل ( حيرة مدرسية ) , ولكن فيلمه الثالث ( افعل الصواب ) فى عام 1989 هو الذى وضعه على قائمة اهم مخرجى السينما الامريكيين , انه فيلم ذو رؤية عميقة وغير مسبوقة تتركز حول التوتر العرقى العنصرى , وكان هذا الفيلم واحدا من اكثر افلام ذلك العام اثارة للجدل وحظى بكتابات نقدية كثيرة , مما رشحه لاوسكار احسن سيناريو  ( على الرغم من عدم ترشيحه لاحسن فيلم , فان كثيرا من الجدل دار عن هذا الامر )
كان عالم الجاز هو موضوع فيلمه لعام 1990 والذى حمل عنوان ( افضل معزوفات البلوز لمو ) , والذى استقبلته الصحافة بترحاب , وكذلك فيلمه الذى قدمه فى العام التالى , ( حمى الادغال ) , وللمرة الثانية فان سبايك لى كان  محورا لجدل مثار يتمحور حول موضوع الفيلم المبنى على قصة رومانسية على خلفية الصراع العنصرى بين بيض وسود امريكا , وبمجرد انتهاءه من هذا الفيلم , فقد شرع فى العمل فى مشروعه السينمائى الذى ظل يحلم به كثيرا , وهو فيلم مالكولم اكس فى عام 1992 , ولقد تم تصويره فى مواقع عدة حول العالم , ومن بينها مكة المكرمة , ان هذا الفيلم سيرة حياه مدته ثلاثة ساعات يدور حول اغتيال قائد حقوق مدنية , ولقد تم عرض الفيلم على الشاشات الامريكية بعد حذف نحو نصف ساعه ليتوافق مع متطلبات صالات العرض وشركة وارنر الموزعة للفيلم .
بعد ذلك قدم سبيك لى فيلم ( كروكلين ) وهو كوميديا لاذعة استلهمها سبيك لى من تجربة حياته الشخصية فى بروكلين فى نهاية السبعينات , ولقد كان سيناريو الفيلم من تأليفه ومشاركه اختيه جووى وسينكى .  
وفى عام 1995 قدم فيلم ( اصحاب مهنة الساعات ) وهو فيلم من افلام الجريمة تم تقديمه برؤية انسانية عميقة , وهذا الفيلم يعتمد على رواية للمؤلف ريتشارد برايس . وفى عام 1996 قدم سبيك لى فيلمين روائيين مختلفين جدا , الاول هو ( فتاه الجنس ) وهو يتحدث عن ممثلة شابة تُجبر على العمل كفتاه اثارة جنسية عبر الاتصالات التليفونية , اما الفيلم الثانى فهو ( اركب الاتوبيس ) وهو احياءا لذكرى المسيرة المليونية التاريخية فى مئويتها الاولى .
بينما فيلمه عن لاعب البيسبول الشهير جاكى روبنسون والذى ظل سبيك لى يخطط له مدة طويلة قد تم اهماله والتخلى عنه , ففى عام 1997 قدم فيلما تسجيليا بعنوان ( اربع بنات صغيرات ) وهو يحكى عن التفجير المتعمد العنصرى الذى حدث فى كنيسة ( برمنجهام . أ . ل ) عام 1963 والذى راح ضحيته اربعة فتيات فى سن الصبى .
 وعلى اثر توقيع سبيك لى لعقد احتكارى مع شركة كولومبيا , فقد بدأ فى فيلم ( لقد كسب اللعبة ) وهو دراسة عن سياسة مدرسة عليا لكرة السلة , وقام دينزل واشنطون - الذى صاحب سبيك لى فى معظم افلامه- ببطولة هذا الفيلم .
ان هذا الفيلم حظى بكتابات نقدية كثيرة , ساهمت فى تقديم سبيك لى الذى اثار الجدل مجددا  بفيلمه التالى والذى يحمل عنوان ( صيف سام ) ولقد تم تصويره فى بروكلين اثناء الصيف الحار الطويل  لعام 1977 , عندما قام السفاح  ديفيد بركويتز - ابن سام - بارهاب المدينة . ان الفيلم ينظر الى هذه الجرائم من خلال عيون سكان المنطقة الكثيرين , ولقد قام بالادوار  ادريان برودى وجنيفر ايسبوسيتو وميرا سورفينو وجون ليجويزامو . لقد اثار الفيلم ردودا مختلفة , بعضها تشيد بالفيلم  وبعضها الآخر ترفضه , وهى من الامور التى اصبحت شائعة فى كتابات النقاد عن افلام سبيك لى .
المشروع التالى للمخرج كان فيلم ( بامبوزلد ) فى عام 2000 , والذى اثار نفس ردود الفعل المتخبطة , حيث يقدم رؤية نقدية شديدة العنف لصورة الزنوج فى ثقافة الامريكيين التى يسيطر عليها البيض , ان هذا الفيلم حظى بعديد من الكتابات النقدية بصفته فيلما غير مسبوق ويختلف عما اعتادت عليه السينما , كذلك فقد كان شهادة جديدة لقيمة سبيك لى كواحد من اعظم صانعى الافلام ذو الرؤية المركبة المتعمقة  والمثيرة للجدل والذين ظهروا فى العشرين سنه الماضية .
وفى الاعوام التالية , فقد تعاطى سبيك لى اربعة مشروعات هى , ( قصة هيوى بى نيوتن ) , تعالى فى المطر او تعالى فى الجو الصحو , والثانى ( جيم براون : جميع الامريكيين ) , قطعة من عشر دقائق ( لاقدم عشر دقائق , الترومبيت ) , قبل ان يعود مرة ثانية الى الافلام الروائية بفيلمه ( الخمسة وعشرين ساعة ) , انه فيلما استثنائيا لسبيك لى , حيث تخلى عن اطروحته المعتادة فى القضايا العرقية فى اعداده رواية ديفيد بينوف المشهورة للسينما , ولقد اظهر هذا الفيلم مقدار تأثير سبيك لى على الرغم من ان هذا القيلم لم يحقق سبقا فى شباك التذاكر  , وبعدها وقف سبايك لى خلف الكاميرا ليُخرج فيلم ( مدينة العبيط الحرة ) فى عام 2004 , وعاد سبيك لى فى عام 2004 ايضا الى الدراما الكوميدية فى فيلم ( انها تكرهنى )
وبالاضافة الى عمله الرئيسى كصانع افلام , فانه ايضا ألف عددا من الكتب عن صناعة الافلام , مثل كتابه  فى عام 1997( احسن مقعد فى الدار : ذاكرة كرة السلة )  الذى يوثق ولعه الشخصى  بفريق نيكس لكرة السلة .
 ولكى يدعم سبيك لى عمله فى صناعة الافلام فقد اضطر الى التحول الى مصادر اخرى لتحقيق دخلا ماديا .
وبالاضافة الى ذلك , فانه اخرج عددا من الاعلانات , كان اشهرها سلسلة ( نيك ) والتى ظهر فيها بنفسه , كما ظهر بجوار مايكل جوردن لاعب كرة السلة الشهير , كذلك فقد صنع فيديوهات موسيقية  لستيف واندر و مايلز ديفيز وبرنس . كذلك فقد اسس شركة المعهد السينمائى
 ( 40 Acres and Mule)
 فى حرم جامعة لونج ايلند ببروكلين , لكى يساعد صناع الافلام الموهوبين .

ملحوظة للمترجم :- لم تتضمن هذه المقالة جميع اعمال سبيك لى , ولكنها مع ذلك مقالة جديرة بالترجمة لما تحتويه من معلومات هامة عن سبيك لى وتأثيره فى السينما الامريكية .

مع اجمل تمنياتى :- ممدوح شلبى
ملحوظة :- نشرت هذه المقالة ايضا فى موقع عين على السينما
مصدر المقالة :-

http://movies.nytimes.com/person/99175/Spike-Lee/biography